واشنطن – هبة القدسي
عقد الرئيس الأميركي دونالد ترمب اجتماعات مع مسؤوليه للأمن القومي لمناقشة الموقف الأميركي من أوكرانيا والعلاقات مع الجانب الأوروبي والمحادثات مع روسيا.
واجتمع ترمب، ظهر الاثنين، مع مستشاره للأمن القومي مايك والتز ووزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيغسيث لمناقشة الخطوات التالية بعد المشادة الكلامية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، الأسبوع الماضي. ومن المتوقع أن يتطرق الرئيس ترمب في خطابه أمام الكونغرس، مساء الثلاثاء، إلى الحرب الروسية – الأوكرانية ورؤيته للتوصل إلى وقف إطلاق النار، مُحملاً زيلينسكي مسؤولية عدم المضي قدماً للتوصل إلى سلام. وأشارت مصادر عدة في البيت الأبيض إلى أن ترمب ينوي وقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا التي أقرت في عهد الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن.
ودافع ترمب عن نفسه أمام الانتقادات التي وُجهت له بشأن انحيازه لموقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وانقلابه على الرئيس الأوكراني زيلينسكي، مؤكداً أنه لا يجب القلق حيال الرئيس بوتين، كما شن هجوماً جديداً ضد أوروبا قائلاً إن الأميركيين يجب أن يكونوا أكثر قلقاً من أوروبا عن روسيا.
وفي أعقاب اجتماع الأوروبيين في «قمة لندن»، الأحد، كتب ترمب على منصته «تروث سوشيال»: «علينا تمضية وقت أقل ونحن نشعر بالقلق من بوتين وأن نمضي المزيد من الوقت في القلق من عصابات المهاجرين التي تضم مغتصبين وتجار المخدرات وقتلة وأشخاصاً من مصحات عقلية يدخلون إلى بلدنا – حتى لا ينتهي الأمر بنا مثل أوروبا». وفي منشور آخر، قال ترمب: «من الآن فصاعداً، لن يكون أمام زيلينسكي من خيار سوى التراجع وقبول الشروط التي وضعها ترمب». وتابع ترمب أنه الرئيس الوحيد الذي لم يعطِ أي شيء من أراضي أوكرانيا إلى بوتين.
تهديدات الإدارة الأميركية
بينما كان القادة الأوروبيون مجتمعين في لندن سعياً للبحث عن حماية أمنية بعيداً عن المظلة الأميركية، كان مسؤولو البيت الأبيض يهددون الرئيس الأوكراني ويخيرونه بين الخضوع أو الرحيل عن منصبه. وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض مايك والتز في مقابلة تلفزيونية: «نحتاج إلى زعيم قادر على التعامل معنا والتعامل مع الروس في وقت ما وإنهاء هذه الحرب»، وأضاف: «إذا اتضح أن الرئيس زيلينسكي لم يعد يرغب، سواء لدوافع شخصية أو سياسية، في إنهاء الحرب في بلاده، أعتقد أننا سنواجه مشكلة حقيقية». وتحدث والتز عن «فرصة كبيرة ضائعة»، مؤكداً أنه «صدم» لوقوع المشادة ولسلوك زيلينسكي. وأوضح أن ذلك أثار لديه شكوكاً حول رغبة زيلينسكي «في أن يكون يوماً مستعداً للتفاوض مع (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين» أو «لإنهاء هذه الحرب».
ودافع وزير الخارجية ماركو روبيو بشدة عن موقف الرئيس ترمب الحاد ضد الرئيس الأوكراني، متهماً زيلينسكي بمحاولة إعاقة عملية السلام مع روسيا من خلال تحدي ترمب ونائب الرئيس جي دي فانس علناً في تبادل حاد للاتهامات من المكتب البيضاوي. وأكد رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون أيضاً أن «شيئاً يجب أن يتغير». وقال لشبكة «إن بي سي»: «إما أن يعود (زيلينسكي) إلى رشده وإلى طاولة المفاوضات مع الامتنان، وإما أن يتولى شخص آخر رئاسة البلاد للقيام بذلك».
زيلينسكي يرد بسخرية
ورد زيلينسكي ساخراً على تلك الدعوات، وقال خلال مقابلة مع وسائل إعلام بريطانية، الاثنين: «نظراً إلى الدعم الذي احصل عليه، فإن إبدالي ببساطة لن يكون بهذه السهولة»، مضيفاً: «لن تكون المسألة مجرد تنظيم انتخابات. بل سيتعين أيضاً منعي من الترشح، وهو الأمر الذي سيكون أكثر تعقيداً بعض الشيء». وأشار الرئيس الأوكراني إلى استعداده للتخلي عن منصبه مقابل انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي. وقال: «إذا حصلنا على عضوية حلف شمال الأطلسي وانتهت الحرب، فهذا يعني أنني أنجزت مهمتي».
وفي الوقت نفسه، أبدى زيلينسكي استعداده لإنقاذ علاقته بالولايات المتحدة بعد الخلاف الكارثي مع الرئيس ترمب يوم الجمعة، وقال للصحافيين إنه لا يزال على استعداد للتوقيع على صفقة تمنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى المعادن النادرة في أوكرانيا وعلى استعداد لإجراء حوار بناء مع واشنطن، مؤكداً أنه يريد أن يتذكر الشركاء من هو المعتدي في هذه الحرب، وتابع: «نحن مستعدون للتوقيع وأعتقد أن الولايات المتحدة ستكون مستعدة أيضاً، ربما يحتاجون إلى الوقت لتحليل بعض الأمور»، وأضاف: «فيما يتعلق بإنقاذ العلاقات فإنني أعتقد أن علاقتنا ستستمر».
مخاوف من فوضى
وبينما أعرب نواب جمهوريون عن استيائهم من الدعوات لاستقالة زيلينسكي، قال السيناتور الجمهوري جيمس لانكفورد لمحطة «إن بي سي»: «بصراحة، سيؤدي ذلك إلى إغراق أوكرانيا في حال من الفوضى». وتشكك روسيا في مشروعية بقاء زيلينسكي رئيساً نظراً لأن ولايته الرئاسية انتهت في عام 2024، كما وصفه ترمب في الأسابيع الماضية بأنه «ديكتاتور من دون انتخابات».
وشدد الكرملين، الاثنين، على ضرورة إجبار زيلينسكي على السلام، وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن ما حدث في البيت الأبيض أظهر مدى صعوبة التوصل إلى مسار تسوية بشأن أوكرانيا لأن نظام كييف وزيلينسكي لا يريدان السلام ويريدان الحرب». وأضاف: «من المهم أن يجبر شخص ما زيلينسكي على تغيير موقفه ويجعله يريد السلام وإذا كان الأوروبيون قادرين على القيام بذلك فيجب الثناء عليهم».
* مديرة مكتب جريدة الشرق الاوسط في واشنطن