روبرت ساتلوف *
من الضروري أن توضح الإدارة الأمريكية الجديدة مواقفها بشأن منع إيران من الحصول على السلاح النووي، وتعزيز التعاون العسكري العربي-الإسرائيلي، والرد على احتمالات ضم الضفة الغربية.
كان فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية لحظة حاسمة. ولكن فيما يتعلق بسياسة الشرق الأوسط، فإن الأشهر التي قضاها في الحملة الانتخابية تركت ثلاثة أسئلة رئيسية دون إجابة.
هل سيعيد ترامب التزام الولايات المتحدة بسياسة منع إيران من الحصول على سلاح نووي؟
لقد اختلف الرؤساء الأمريكيون بشدة في سياساتهم تجاه الشرق الأوسط على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، لكنهم اتفقوا جميعاً على المبدأ القائل بأنه من الخطورة البالغة السماح لزعماء إيران ذوي الطموحات المهدوية بامتلاك أسلحة نووية. وكان لدى الرؤساء استراتيجيات مختلفة لمنع ذلك، بدءاً من الدبلوماسية (الاتفاق النووي مع إيران) إلى العقوبات الاقتصادية (“الضغط الأقصى”) إلى التهديدات العسكرية (“كل الخيارات مطروحة على الطاولة”). لكن المبدأ ظل ثابتاً.
ومع ذلك، لم تؤيد حملة ترامب-فانس هذا النهج حتى الآن. فعلى سبيل المثال، قال فانس خلال المناظرة الخاصة بمنصب نائب الرئيس إنه يدعم التحرك الإسرائيلي ضد المنشآت النووية الإيرانية، لكن لا هو ولا ترامب صرحا بأن منع إيران من امتلاك سلاح نووي يُعتبر مسؤولية أمريكية.
وهذا سؤال أساسي. فالفارق بين التزام الولايات المتحدة بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي أو الانزلاق إلى سياسة احتواء بحكم الأمر الواقع – أي بذل قصارى الجهد لإقناع إيران أو إجبارها أو دفعها لعدم استخدام قدراتها – هو فارق كبير. وكل شيء تقريباً ستحاول إدارة ترامب تحقيقه في الشرق الأوسط سوف ينبع من كيفية إجابتها على هذا السؤال.
هل سيواصل ترامب نشر قوات عسكرية أمريكية كبيرة في الشرق الأوسط والتي سهلت التعاون الدفاعي القوي بين إسرائيل والدول العربية؟
لترامب الفضل في إدخال إسرائيل ضمن “القيادة المركزية الأمريكية” خلال الأيام الأخيرة من ولايته الأولى، مما مهد الطريق لازدهار التعاون العسكري العربي-الإسرائيلي خلال إدارة بايدن. وكان الجهد المشترك بين إسرائيل والدول العربية والشركاء الأوروبيين لمواجهة الهجوم الإيراني غير المسبوق بالصواريخ والطائرات المسيّرة في 13 نيسان/أبريل على الدولة اليهودية مثالاً بارزاً. لكن العنصر الأساسي الذي حافظ على هذا التعاون كان المشاركة العسكرية الأمريكية النشطة، بما في ذلك نشر قوات جوية وبحرية أمريكية كبيرة في الشرق الأوسط.
ويعارض بعض مستشاري ترامب هذا النوع من العمليات العسكرية الأمريكية، إما لأنهم يخشون الانزلاق نحو حرب في الشرق الأوسط، أو لأن مثل هذه العمليات تصرف الانتباه عن المهمة الأكثر أهمية المتمثلة في مواجهة العدوان الصيني. ولكن بدون قيادة الولايات المتحدة، قد لا يكون العرب والإسرائيليون مستعدين للتعاون العلني مع بعضهم البعض.
والسؤال الذي يواجه ترامب هو ما إذا كان سيستثمر الأصول العسكرية اللازمة لتعميق شراكات الدفاع العربي-الإسرائيلي، أو ما إذا كان سيقلص الدور الأمريكي ويخاطر بإجهاض التعاون الإقليمي الذي يمكن أن يؤدي في النهاية إلى وقوف العرب والإسرائيليين في وجه إيران بمفردهم. إن الإجابة على هذا السؤال سوف تحدد ما إذا كنا سنستغل فرصة كبيرة لإعادة رسم الخريطة الاستراتيجية للشرق الأوسط.
هل سيدعم ترامب ضم إسرائيل لأراضي الضفة الغربية؟
كانت “اتفاقيات أبراهيم” أعظم إنجاز دبلوماسي لترامب في فترته الرئاسية الأولى، ومن المرجح أن يكون توسيعها هدفاً رئيسياً في ولايته الثانية. ومن المهم تذكر كيف تحقق هذا الاختراق الأصلي.
في ربيع عام 2020، عندما هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، غيرت الإمارات العربية المتحدة حساباته من خلال ربط عرضها باتفاقية سلام وتطبيع بتعهد إسرائيل بتجميد الضم لمدة أربع سنوات. واختارت إسرائيل السلام على الأراضي، ووقعت اتفاقية تاريخية برعاية إدارة ترامب، ومنذ ذلك الحين التزمت بتعهدها.
وانتهت تلك السنوات الأربع قبل شهرين. والآن، مع وجود ائتلاف يميني أكثر تطرفاً في السلطة في إسرائيل، قد يرى نتنياهو في إعادة انتخاب ترامب فرصة لإكمال ما بدأه في عام 2020، كما يشير تعيينه مؤخراً لمؤيد صريح للضم سفيراً في واشنطن.
ويُعد ضم حتى جزء من الضفة الغربية خطوة دراماتيكية من شأنها أن تمثل نهاية رسمية لسياسة إسرائيل ما بعد عام 1967، التي كانت تصور الأراضي كوسيلة للمساومة المحتملة في مفاوضات السلام، وهو الموقف الذي التزمت به إسرائيل حتى مع تشجيعها للاستيطان اليهودي. وبغض النظر عن وجهة النظر حول عدالة مطالبة إسرائيل بأراضي يهودا والسامرة التاريخية، فإنه من الواضح أن قراراً بإعادة رسم حدود إسرائيل خارج إطار اتفاق دبلوماسي مع الفلسطينيين من شأنه أن يؤدي إلى تعميق الانقسامات بين إسرائيل وشركائها العرب في المعاهدات، وبين إسرائيل والعديد من الديمقراطيات الغربية، وحتى بين إسرائيل وقطاع كبير من الرأي العام الأمريكي، بما في ذلك الأمريكيين اليهود، وذلك في وقت تواجه فيه الدولة اليهودية بالفعل هجمات على جبهات متعددة.
إن موقف ترامب من الضم غير واضح. ففي عام 2020، لم يكن متحمساً للفكرة. لكنه قام مؤخراً بترشيح مؤيد قوي – حاكم أركنساس السابق مايك هاكابي (جمهوري) – سفيراً له لدى إسرائيل.
ربما يعتمد كل من ترامب ونتنياهو على دولة عربية – هذه المرة المملكة العربية السعودية – لحل المشكلة بالطريقة التي قامت بها الإمارات في عام 2020. ولكن من المرجح أن تطلب الرياض المزيد من إسرائيل والولايات المتحدة مقابل اتفاقها مقارنة بما طلبته أبو ظبي، بما في ذلك موافقة إسرائيل على مسار نحو إقامة دولة فلسطينية، وموافقة الولايات المتحدة على معاهدة دفاع مشترك. ولا يوجد ما يضمن أن يتمكن ترامب ونتنياهو من تلبية مطالب السعودية. ونتيجة لذلك، قد يجد نتنياهو نفسه عاجزاً عن إغلاق الباب أمام الضم، حتى لو أراد ذلك.
ولتجنب هذا الوضع، سيكون من المهم معرفة موقف ترامب من الضم. إن الوضوح لا يجعل النسخة السعودية من “اتفاقيات أبراهيم” أقل احتمالاً، بل إنه يتجنب فقط مأزقاً دبلوماسياً محتملاً في حال عدم التوصل إلى هذا الاتفاق. وفي الواقع، إذا كان موقف ترامب معارضاً للضم، فبإمكان نتنياهو استخدام ذلك لإسكات المتحمسين للفكرة داخل ائتلافه.
وبالنظر إلى ذلك، فإن الإجابة على هذه الأسئلة مجتمعة – الالتزام بمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية، والاستثمار في التعاون العسكري العربي-الإسرائيلي، والسياسة الأمريكية تجاه ضم إسرائيل لأراضي الضفة الغربية – سوف تحدد اتجاه السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط في إدارة ترامب الثانية.
*روبرت ساتلوف هو “المدير التنفيذي – زمالة سيغال” و “رئيس كرسي «هوارد بي بيركوفيتش» لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط” في معهد واشنطن.