لا يتوانى الفنان والمخرج الشاب والروائي حسين عبدعلي، عن طرح كل ما يدور في داخله، فهو متأن، جريء، ناضج فيما يطرحه ويقدمه ويؤديه، وقد تتلمذ على يد الفنان الراحل عبدالله السعداوي، وشكل مسرح الصواري نقطة انطلاقته، وشارك في العديد من الأعمال الفنية في السينما ممثلا، وأخرج فيلما بعنوان “الثانية والنصف صباحا”، كما أن له مشاركات في أعمال الدراما، إضافة لإصداره الروائي “متاهة زهرة”، عن كل ذلك تحدث الفنان حسين..
عندما نتحدث عن مجال “صناعة الأفلام القصيرة“، قد نلاحظ أنها وصلت لمرحلة جيدة، لكن ما هي مشكلتها باعتبار أنه لا يخلو الأمر من مشكلات؟
المشكلة أن هذه “الصناعة”، وأضع مفردة الصناعة بين علامتي تنصيص، قائمة على جهود شخصية وذاتية. كل ما نراه من أفلام بحرينية هي أفلام نابعة عن مشروع فرد واحد مؤمن بفكرة ما، وعليه أن يقوم بالمستحيل والمعجزات لتحقيق هذه الفكرة. كأنْ يبحث عن ممول أو سيقوم بتمويل المشروع من جيبه الخاص، ويبحث عن مؤلفين، ممثلين، مصورين، وجميع الأمور الإنتاجية مثل: توفير مواقع التصوير وإدارتها، المكياج، الإضاءة، الأكسسوارات، مونتير، الموسيقى والمؤثرات الصوتية، وجميع عناصر العمل السينمائي، على أن يقبل هؤلاء جميعا العمل بشكل تطوعي مجاني. كل هذا لا دخل له بمفهوم “الصناعة”، وإنما أقرب لاشتغال صندوق خيري.
بالمقابل؛ ستجد أن هناك دولا ترصد آلاف الدنانير ميزانية لصنع فيلم قصير واحد، لا تتعدى مدته 10 دقائق. لذلك ستجد أن إنجاز فيلم قصير في البحرين، يعني أن تبذل جهدا مضاعفا عشر مرات عن اشتغالك به في دولة أخرى. وعوضا من أن تركز جهدك في تخصصك مخرجا مثلا، ستجد أن جهودك موزعة لأداء مهمات أخرى لا ناقة لك فيها ولا جمل.
كل ذلك، لا يساعد على خلق حالة من التراكم لنتاجات الأفلام القصيرة في البحرين. فكل مشروع فيلم قصير، هو عودة للبدء من نقطة الصفر.
هل قلة الدعم لأفلام المهرجانات سببها نخبويتها أم قدرتها على تجاوز التابوهات التي قد لا تناسب البعض؟
المؤسسات والشركات الخاصة لا تدعم المهرجانات والفعاليات الثقافية هكذا، إنما انطلاقا من مفهوم المسؤولية الاجتماعية لتحسين صورتها أمام المجتمع وجمهورها. ومعظم هذه المؤسسات تخصص نسبة بسيطة من ميزانيتها السنوية لتحقيق هذا المفهوم، يتم صرفه على الأنشطة الاجتماعية والإنسانية. والأفلام والمهرجانات والفعاليات الثقافية إذا ما قورنت بأنشطة أخرى. ستجد هذه المؤسسات أن دعمها للأنشطة الثقافية ترف، أو سيكون في آخر السلم من أولوياتها.
هنا يأتي دور المؤسسات الحكومية، كونها الجهة الحاضنة للنشاط الثقافي والسينمائي والإبداعي. لكن بسب الميزانيات، إما أن دعمها للأنشطة الثقافية يكون خجولا، لا يسد احتياجات إقامة مهرجان ينافس المهرجانات العربية والعالمية، وإما أنها ستؤجل دعمها للزائد من ميزانيتها بعد تحقيق وتنفيذ مشروعاتها الخاصة، وهو أمر من المستحيل حدوثه في الوقت الراهن.
ومع إيماني الشديد أن إنتاج الأفلام السينمائية (الطويلة والقصيرة)، ودعم المسرحيات والفنون الأخرى، هو من مهام وعلى عاتق المؤسسات الحكومية. ويجب عليها أن ترصد نسبة من ميزانيتها؛ من أجل تحقيق وتنشيط هذه المجالات الثقافية والفنية، إلا أن القلق والخوف أن يكون هذا الدعم مشروطا بتحقيق خطط وأفكار وآراء قد لا يتبناها ولا يؤمن بها الفنان والمبدع.
هل ترى مشاركة المسرحيين في أعمال منصات التواصل الاجتماعي أو اليوتوبية بدافع مادي أو سببه اليأس من شلل الحركة الفنية؟
أتفهم لجوء الفنان إلى منصات التواصل الاجتماعي واليوتيوب، كونها الوسيلة الأبرز لهذا العصر، والأقدر، في الوقت الراهن، على إيصال المنتج الفني إلى المتفرج بالسرعة وبالجهد الأقل مما هو عليه في السينما والتلفزيون والمسرح. ولكن ما يجب الإشارة له هنا، هو أن على الفنان عليه فهم وإدراك آلية اشتغال هذه المنصات. فهذه المنصات مرتبطة بشكل رئيس بالسرعة واللحظية أو الآني واليومي. بمعنى كل ما يرد فيها مرتبط بما يسمى اليوم بـ “الترند”، وما تجده صباحا رائجا ومتداولا، قد يكون في مساء اليوم ذاته على الهامش وعرضة للنسيان.
ما أبرز ما يمكن لهاوي المسرح الاستفادة منه، وما الذي استفدت منه في بداية مشوارك؟
الوعي وفهم العملية المسرحية. وأن الترنم بالشعارات على شاكلة “المسرح وسيلة حياة” أو “المسرح أبو الفنون”، ليس شعارات مجازية مجانية يرددها الفرد من أجل أن يصبغ شخصيته أمام الآخرين بصبغة الفنان. إنما هي مبدأ حقيقي جدا، يستدعي الكثير من العمل والجهد المضني. فالمحب لا يُعبر عن حبه بترديد “أحبك”، وحسب، بل حبه الحقيقي هي أفعاله تجاه المحبوب.
تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الإلكترونية الربحية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الإشارة للمصدر.